رمضان شهر الجهاد والفتوحات

0000-00-00

سيد عبد العال

رمضان شهر الجهاد والفتوحات

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد؛

فقد جاهد المسلمون على مدار التاريخ في شهر رمضان كغيره من الشهور بل لقد عُرِفَ رمضان بأنه شهر الجهاد والفتوحات؛ حيث منَّ الله -عز وجل- على الأمة في هذا الشهر بأعظم انتصارتها، وليس غرضنا في هذا المقال استيعاب أخبار الوقائع ولا فوائدها وإنما نجمعها في سياق واحد إظهارا للفائدة العامة وهي أن رمصان هو شهر الانتصارات والجهاد والفتوحات ومن ذلك ما يلي:

1- في رمضان من السنة الأولى كانت سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر.

الخلاصة البهية (30).

2- وفي (17) رمضان من السنة الثانية كانت غزوة بدر الكبرى:

قال تعالى "ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون" [آل عمران: 123] .

وعندما يطالع المسلم أنباء موقعة بدر، يشعر أن لها منزلة خاصة، توحي بأنها أعظم غزوات الإسلام فضلاً وشرفًا؛ لأسباب كثيرة منها أنها أول غزوة كان لها أثرها في إظهار قوة الإسلام، ومنها أنها رسمت الخط الفاصل بين الحق والباطل، ومنها أن المحرك لها هو الإيمان بالله وحده، لا العصبية ولا القبيلة ولا الثأر، وفيها تجلت صور رائعة من الإيمان بالله وصفاء العقيدة وحب هذا الدين. غزوة بدر دروس وعبر ( 3).

3- وفِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ كانت سَرِيَّةُ غَالِبِ بْن عَبْد اللَّهِ اللَّيْثِيِّ إِلَى الْميفعَةِ، بِنَاحِيَةِ نَجْدٍ، فِي مِائَةٍ وَثَلاثِينَ رَجُلا، فَهَجَمُوا عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَوَقَعُوا فِي وَسَطِ مَحَالهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْ أَشْرَافٍ لَهُمْ، وَاسْتَاقُوا نَعَمًا وَشَاءً؛ فَحَدَرُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَأْسِرُوا أَحَدًا. عيون الأثر (2/ 190)

4- وفي العشرين من رمضان سنة 8 هـ كان فتح مكة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، " صحيح مسلم (1113) وهو الفتح الأعظم الذي أعز الله به نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم وجنده واستنقذ به بلده وبيته، من أيدي الكفار والمشركين. فتح مكة لبشاميل (171-173) .

5- وفي الرابع والعشرين من رمضان سنة ثمان للهجرة، بعث الرسول عليه الصلاة والسلام سعد بن زيد الأشهلي إلى "مَنَاة" فهدمها..

6- وفي الخامس والعشرين من رمضان سنة 8 هـ أرسل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خالد بن الوليد رضي الله عنه في ثلاثين فارسا من أصحابه، وأمرهم بهدم "العزّى"

فَأَتَاهَا خَالِدٌ؛ فهدمها ثم أتاها؛ فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ, نَاشِرَةٌ شَعْرَهَ ، فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ, فَقَالَ: "تِلْكَ الْعُزَّى"

الكبرى للنسائي (11483)، والأغصان الندية (450و451).

7- وفي رمضان سنة تسع للهجرة وفدت ثقيف صاحبة "اللات" على الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تعرض إسلامها عليه.. ثم أرسل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معهم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة لهدم "اللات".. فَلَمَّا قَدِمُوا عَمَدُوا إِلَى اللَّاتِ فَهَدَمُوهَا

تاريخ المدينة لابن شبة (2/ 506)

8- وفي رمضان من السنة التاسعة كانت عودة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غزوة تبوك المظفرة. الرحيق المختوم (401).

9- وفي السنة الثالثة عشرة من الهجرة: وفي رمضان كانت معركة "البويب".

" كانت بين المسلمين والفرس وكان النصر فيها للمسلمين؛ فيقال: إنه قتل منهم يومئذ وغرق قريب من مائة ألف ولله الحمد والمنة، وَجَرَتْ أُمُورٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَكَانَتْ هَذِهِ الواقعة بِالْعِرَاقِ نَظِيرَ الْيَرْمُوكِ بِالشَّامِ. البداية والنهاية (7/ 36).

10- فتح النوبة في رمضان سنة 31 هـ..

بقيادة عبد الله بن أبي سرح على إثر نقضهم للعهد الذي كان بينهم وبين المسلمين منذ ولاية عمرو بن العاص رضي الله عنه.عقد الجمان(14)

11- في رمضان سنة 67 قتل المختار الثقفي على يد مصعب بن الزبير والي البصرة ولقد كانت فتنته عظيمة وقتل على يده خلق كثير؛ فأراح الله من شره.كنز الدرر (4/ 148).

12- وفي رمضان سنة 91 هجرية؛ بعث موسى بن نصير طريفا البربريفِي أَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ وَمَعَهُمْ مِائَةُ فَرَسٍ، فَسَارَ فِي أَرْبَعِ سَفَائِنَ، فَخَرَجَ فِي جَزِيرَةٍ بِالْأَنْدَلُسِ، فَسُمِّيَتْ جَزِيرَةُ طَرِيفٍ لِنُزُولِهِ فِيهَا، ثُمَّ أَغَارَ عَلَى الْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ، فَأَصَابَ غَنِيمَةً كَثِيرَةً، وَرَجَعَ سَالِمًا فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ تَسَرَّعُوا إِلَى الْغَزْوِ." الكامل في التاريخ (4/ 39).

12- فتح الأندلس في رمضان سنة 91 هـ؛ على يد طارق بن زياد .

البيان المغرب (2/ 5).

13- وفي رمضان سنة 222 هـ فتح البذَّ مدينة "بابك الخُرَّمِيِّ"؛ وقد ظَهَر بابك في جبل "اليدين" من أصل الران بناحية أذربيجان، وكثر بها أتباعُه، واستباحوا المحرمات، وقتلوا الكثيرَ من المسلمين، - مائتي ألف وخمسة وخمسين ألف وخمسمائة إنسان- وجَهَّز إليه خلفاءُ بني العباس جيوشًا كثيرةً وبَقِيت العساكرُ في وجهه مقدارَ عشرين سنةً ...وفي سنة 220 هـ جَهَّز المعتصمُ جيشًا بقيادةِ "الأفشين"، فالتقي الجيشان، وقد أسر بابك في شهر رمضان، وقيل شوال سنة 222، وحمل الى سر من رأى، فقتل بها في صفر سنة 223..

التنبيه والإشراف (1/ 305)، وا محمداه (2/ 26).

14- وفي رمضان سنة 223 هـ فتح عمورية على يد المعتصم؛ نصرة لعباد الله الذي؛ الذين أوقع الملك توفيل بن ميخائيل بأهل سلطته من المسلمين ملحمة عظيمة، قتل فيها خلقا كثيراً من المسلمين، وأسر ما لا يحصون كثرة، وكان من جملة من أسر ألف امرأة من المسلمات ومثل بمن وقع في أسره من المسلمين فقطع آذانهم وأنوفهم وسمل أعينهم -قبحه الله-.

ولما بلغ ذلك المعتصم انزعج لذلك جدا وصرخ في قصره بالنفير، ثم نهض له من فوره؛ فلم يدركه؛ فقال للأمراء أي بلاد الروم أمنع؟ فقالوا: عمورية لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام وهى عندهم أشرف من القسطنطنية" فعزم على فتحها.

رب وامعتصماه انطلقت ... ملء أفواه الصبايا اليتم

صادفت أسماعنا لكنها ... لم تصادف نخوة المعتصم

البداية والنهاية (10/ 314).

15- وفي سنة 264 هـ رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ، مَلَكَ الْمُسْلِمُونَ سَرَقُوسَةَ، وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ مُدُنِ صِقِلِّيَّةَ. الكامل (6/ 356).

16- وفِي شَهْرِ رَمَضَانَ (559هـ) فَتَحَ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِي قَلْعَةَ حَارِمَ مِنَ الْفِرِنْجِ.

الكامل (9/ 308).

17- وفي رمضان سنة 584 هـ كان فتح الكرك وصفد؛ بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

الكامل (10/ 59)، والأنس الجليل (1/ 355).

18- وفي يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658 هـ كانت وقعة "عين جالوت":

وكان من حديثها، أنه لما اجتمعت العساكر الإسلامية بمصر، عزم الملك المظفر قطز على الخروج إلى الشام لقتال التتر، وسار من مصر بالعساكر الإسلامية، وكان مسيره من الديار المصرية في أوائل رمضان من هذه السنة، ولما بلغ كتبغا، مسير العساكر الإسلامية إليه، صحبة الملك المظفر قطز، جمع من في الشام من التتر وسار إلى لقاء المسلمين، وتقارب الجمعان، والتقوا يوم الجمعة المذكور، فانهزمت التتر هزيمة قبيحة وأخذتهم سيوف المسلمين، وقتل مقدمهم كتبغا، واستؤسر ابنه، وتعلق من سلم من التتر برؤوس الجبال، وتبعتهم المسلمون فأفنوهم، وهرب من سلم منهم إلى الشرق، وجرد قطز ركن الدين بيبرس البندقداري في إثرهم، فتبعتهم المسلمون إلى أطراف البلاد الشرقية. المختصر في أخبار البشر (3/ 205).

19- وفي رمضان سنة 666 كان فتح أنطاكية من بلاد الشام على يد القائد المسلم المظفر قاهر المغول والصليبيين الظاهرُ بيبرس -رحمه الله-.المختصر (4/ 4).

20- وفي يوم السبت 2 رمضان سنة 702 هـ كانت "معركة شقحب " أو معركة "مرج الصُّفر":

حيث رغب قازان حفيد هولاكو في تحطيم سلطان المسلمين في مصر واسترداد الأرض المقدسة وتسليمها إلى النصارى؛ فقام العلماء وعلى رأسهم ابن تيمية مع الأمراء واشترك فيها الخليفة المستكفي بالله والسلطان الناصر محمد بن قلاوون... والتحم القتال وثبت السلطان ابن قلاوون ثباتا عظيما وكاد التتار يتغلبون على المسلمين في بادئ الأمر ولكن الله سلم ومكن منهم جنده وعبيده.الدرر الكامنة (4/261-265)،والبداية والنهاية (14/ 29).

21- وفي رمضان سنة 829 هـ كان فتح جزيرة قبرص

وهو الفتح الثاني لها في عهد السلطان المملوكي الأشرف برسباي ومن عجيب ما حدث فيها ازدحام الناس على الخروج في الغزو حيث عظم ازدحام الناس على كُتّاب المماليك؛ ليكتبوهم في جملة المجاهدين في المراكب المعينَّة، حتى إنه سافر في هذه الغزوة عددٌ من أعيان الفقهاء، ولما أن صار السلطان لا يُنعم لأحد بالتوجه بعد أن استكفت العساكر، سافر جماعة من غير إذن، وأعجبُ من هذا، أنه كان الرجل ينظر في وجه المسافر للجهاد يعرفه قبل أن يسأله لما بوجهه من السرور والبشر الظاهر بفرحه للسفر، وبعكس ذلك فيمن لم يعينَّ للجهاد، هذا مع كثرة من تعين للسفر من المماليك السلطانية وغيرهم، وما أرى هذا إلا أنّ الله تعالى قد شرح صدرهم للجهاد وحببهم في الغزو وقتال العدو ليقضى الله أمراً كان مفعولاً، ولم أنظر ذلك في غزوة من الغزوات قبلها ولا بعدها".

22- وفي رمضان (791) فتح البوسنة والهرسك سنة 791 هـ "معركة قوص أوه":

في عهد السلطان مراد الأول بن السلطان أورخان الغازي.

من معارك المسلمين في رمضان (81-84)

23- وفي سنة 827 هـ 25 رمضان فتح بلغراد عاصمة المجر على يد السلطان العثماني سليمان القانوني. القانوني القائد (28)

24- وفي العاشر من رمضان سنة 1393 هـ كانت حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973 النصر على اليهود حيث منّ الله على عباده وجنوده المؤمنين في مصر بهزيمة اليهود في العاشر من رمضان وعبر المسلمون القناة وحطموا خط بارليف وعلا التكبير في كل مكان من أرض المعركة وأذل المسلمون اليهود في هذه الحرب فالنصر حليف الإيمان والطاعة.

دارت على سيناء معركة الوغى ... فوق السهول وفي ربى وبطاح

وكتائب الإيمان تهتف كلها ... الله أكبر فوق كل سلاح

لتدك بارليف المنيع بقوة ... طب الجراح بمبضع الجرّاح

الله أكبر زلزلت أركانهم ... وكأنما يشدو بها ابن رباح

واليوم يعود اليهود يفعلون بالمسلمين الأفاعيل في رمضان وفي غيره فيالها من مفارقة عجيبة

على حد قول من قال:

وكنا عظاما فصرنا عظاما ... وكنا نقوت فها نحن قوت.

نداء الريان (1/422)

فنسأل الله أن يعيد لهذه الأمة مجدها وعزها ونصرها إنه ولى ذلك ومولاه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عدد المشاهدات 2944